
الثقافة .. قطاع محفز للإبداع المحلي والنمو الاقتصادي
كان الاستثمار الثقافي في المملكة نشاطاً مهملا ولم يكن يحسب له دور في تحفيز الإبداع المحلي، إلى أن جاءت رؤية 2030 التي أطلقت العنان لنمو هذا القطاع وتنمية الصناعات الثقافية، لتتوسع وزارة الثقافة ومختلف الهيئات المتخصصة كهيئة الأفلام وهيئة الموسيقى وهيئة التراث، وهيئة فنون العمارة والتصميم، وهيئة الفنون البصرية، وهيئة المتاحف، وهيئة المسرح والفنون الأدائية، هيئة المكتبات، هيئة الموسيقى، وهيئة فنون الطهي وهيئة الأدب والنشر والترجمة إضافة إلى الجهات التمويلية وفي مقدمتها صندوق التنمية الثقافي في مد العون للمبدعين والمستثمرين وفي تحسين بيئة استثمارية مشجعة وممكنة لرواد الأعمال والمنشآت الصغيرة والمتوسطة، فتحولت الثقافة إلى اقتصاد واعد ومحفز للإبداع المحلي ورافدا يدعم الناتج المحلي، بدلالة ما تشير إليه التقارير الرسمية ومنها تقرير صادر من طرف وزارة الثقافة بين أن القطاع الثقافي أسهم في نمو اقتصاد المملكة بنسبة تجاوزت 20 % في عام 2023، مسجلاً 35 مليار ريال، أي ما يعادل 1.49 % من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي، وأن القطاع يهدف إلى رفع مساهمته في الناتج المحلي إلى 3 % بحلول عام 2030، كما أنه مستمر في تحفيز الإبداع المحلي وإنتاج أفكار جديدة وغير تقليدية وفي دفع مختلف الأنشطة الثقافية للإسهام في استدامة بيئة مناسبة لصناعة ثقافية متطورة تحقق مستهدفات رؤية 2030، في شتى المجالات كالحرف اليدوية (مثل المشغولات النخيلية والسدو)، والفنون الشعبية (كالفلكلور والرقصات مثل العرضة)، والفنون الرقمية، والتصميم، والأفلام، وفنون الطهي، والأدب (بأنواعه من شعر ورواية)، والموسيقى.
للمزيد ..
محمد حميدان - جريدة الرياض
الفن التشكيلي السعودي يزدهر برؤية 2030
شهد الفن التشكيلي في المملكة العربية السعودية تطورًا ملحوظًا خلال السنوات الأخيرة، في إطار التوجهات الوطنية التي تقودها رؤية المملكة 2030، والتي أولت اهتمامًا كبيرًا بالثقافة والفنون بوصفها عنصرًا مهمًا في بناء مجتمع حيوي واقتصاد مزدهر. ويأتي هذا الاهتمام من إيمان المملكة بدور الفنون في تعزيز الهوية الوطنية والانفتاح على الثقافات العالمية، إضافة إلى دعم المبدعين العرب والسعوديين لإبراز إبداعاتهم على الساحة المحلية والعالمية.
لقد مرّ الفن التشكيلي في المملكة بمراحل متعددة، بدأت بمحاولات فردية لعدد من الرواد الذين أسسوا لحركة فنية محلية متأثرة بالبيئة والتراث السعودي، ليتطور لاحقًا إلى مدارس وأساليب متنوعة تعكس مزيجًا من الأصالة والحداثة. وفي الفترة الأخيرة، حظي الفن التشكيلي ببيئة داعمة من خلال تأسيس هيئة الفنون البصرية، وتنظيم المعارض والملتقيات الفنية داخل المملكة وخارجها، إضافة إلى برامج الابتعاث والدورات التدريبية التي تهدف إلى صقل مهارات الفنانين الشباب.
ومن أبرز ملامح التطور اللافت في الفن التشكيلي السعودي :
تنوع الأساليب والمدارس الفنية، من الواقعية والتجريدية إلى الفن المعاصر والرقمي.
إقامة معارض كبرى مثل “بينالي الدرعية للفن المعاصر”، الذي أصبح منصة عالمية تجمع فنانين من مختلف الدول.
دعم الفنانين السعوديين عبر برامج ومنح ومسابقات وطنية ودولية، مما مكّن الكثير منهم من تحقيق حضور مميز في المشهد الفني العالمي.
الاهتمام بالبنية التحتية الفنية مثل إنشاء المتاحف وصالات العرض، وإدخال الفنون في الفضاءات العامة كجزء من تجميل المدن وتعزيز الثقافة البصرية لدى المجتمع.
إن هذا الحراك يعكس رغبة المملكة في جعل الفن التشكيلي أحد روافد القوة الناعمة، وأداة لتعزيز الحوار الثقافي مع العالم. كما أنه يسهم في خلق فرص اقتصادية جديدة عبر الصناعات الإبداعية، ويدعم مكانة المملكة كوجهة ثقافية عالمية.
وبذلك يمكن القول إن الفن التشكيلي في السعودية لم يعد مجرد نشاط فردي أو نخبة محدودة، بل أصبح حركة وطنية منظمة تسير بخطى واثقة ضمن رؤية طموحة، تسعى إلى بناء مستقبل يكون فيه الفن والثقافة جزءًا أساسيًا من حياة المجتمع السعودي ومكانته الدولية
للمزيد ..
خلود خالد عبد الجبار - صحيفة الحقيقة الإلكترونية
أهمية الثقافة الفنّية والإسلامية
في يناير من عام 2004، أُطلق مشروع بحثي مموّل من وزارة التعليم الأمريكية؛ بهدف مساعدة أساتذة المتاحف على فهم كيفية تأثير مشاهدة الفنون وابتكارها على مهارات التفكير النقدي لدى الطلاب. وركزت الدراسة بالتحديد على تأثير برنامج غوغنهايم للتعلّم من خلال الفن، والذي وضع الفنانين الأساتذة على مدى أكثر من نصف قرن في الصفوف الدراسية، مما أدى إلى إقامة معرض سنوي للأعمال الفنية الطلابية في غوغنهايم تحت مسمى «عام مع الأطفال». وقارن الباحثون مهارات الطلاب في مدارس مدينة نيويورك التي شاركت في البرنامج مع مجموعات طلابية مماثلة في المدارس التي لم تنضم إليه.
وأظهرت النتائج أن طلاب برنامج التعلّم من خلال الفن تفوّقوا على غيرهم في تطبيق مهارات التفكير النقدي كالقدرة على الافتراض، وطرح عدد من التفسيرات، وصياغة الروابط، والتركيز لفترات طويلة، ومشاركة مشاهداتهم بصورة شاملة ودقيقة في النقاشات الفنية. حتى إنهم وجدوا أن الكثير من هذه القدرات كانت أفضل من حيث فهم القراءة. باختصار، اكتسبت هذه المهارات أهمية كبرى في المناهج الدراسية، مما عزّز الفكرة القائلة إنّ تشجيع الفنون يمكن أن يحسّن نتائج الطلاب في المجالات الرئيسية مثل القدرة على القراءة والكتابة.
ولكن قبل مشروع غونهايم بعقود تنبهت حكومة المملكة العربية السعودية إلى هذا التأثير المهم للفنون في تعزيز القدرات الإدراكية للطلاب فجعلت «حصة الفنون» حصة أساسية في المنهج الدراسي منذ الصفوف الأولى، واستقدمت لتدريس هذا المنهج مدرسين متخصصين من عدة بلدان عربية، ولم تكتف بذلك بل ابتعثت عدداً من المتخرجين، ومن ذوي الاهتمام والموهبة لدراسة الفنون إلى عدة دول منها مصر ولبنان وإيطاليا.
ثم وسعت من هذا الاهتمام لتكون مادة الفنون ودراستها أكاديمياً جزءاً من التخصصات التي تقدمها بعض الجامعات السعودية، بغرض إعداد معلمين وباحثين متميزين لسد العجز المتزايد في هذا المجال. ودخلت دراسة الفنون الإسلامية وتاريخها في مناهج الآثار والحضارة الإسلامية. وفي هذا تأكيد أن دراسة الفن الإسلامي هو جزء لا يتجزأ من مناهج هذا التخصص، خاصة أن المملكة هي موطن الحرمين الشريفين وأهم الآثار الإسلامية موجودة بها أو تتقاطع معها بشكل أو بآخر.
للمزيد ..
سعد الراشد - مؤسسة عكاظ للصحافة والنشر
الفـن فـي مملكتنا
الفن هو الإبداع والتميز بالأصالة والتفرد، وهو وسيلة للتعبير عن الأفكار والمشاعر، وهو إحدى أهم الوسائل الإعلامية التي ترقى بفكر المتلقي والمتذوق، حيث يساعد على ترسيخ الهوية الوطنية، ويساعد على تشكيل الشخصية الإنسانية والوصول إلى القيم الجمالية والأخلاقية المثلى للمجتمع، وأنواع الفنون:
المسرح : ظهر المسرح السعودي في القرن العشرين، أما الظهور الحقيقي للفن المسرحي فى المملكة يعود بداياته من خلال فن المسرح، وحيث تم تقديم عرض مسرحي سعودي في منطقة القصيم لمسرحية بعنوان: (حوار بين جاهل ومتعلم)، وكان أمام الملك عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- عام 1928م، ومن بعدها انطلقت الفنون بشكل.
السينما :
بداية الثلاثينيات من القرن العشرين، فكان أول ظهور للسينما في المملكة كان عام 1933م في مدينة الظهران من خلال شركة أرامكو للبترول، واستمر الوضع على ما هو عليه حتى فترة بداية الثمانينيات، ثم ظهرت سينما الأحواش في الخمسينيات، وهي عبارة عن عروض في مساحات مفتوحة حول المنازل، وكان هذا النوع من السينما موجود في عدة مدن، كما ظهرت في صورتها الأخيرة في بداية عام 2017م في عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله- وتعيش السينما السعودية طفرة جديدة لم تعهدها من قبل.
الدراما التلفزيونية:ظهر التلفزيون فى ستينيات القرن العشرين، ومع بداية ظهور التلفزيون ظهرت الدراما السعودية، وانتقلت في ازدياد مع وجود الفضائيات في تسعينيات القرن الماضي، وظهور قنوات فضائية سعودية على الصعيد العام.
الغناء:ظهر بأطوار وأشكال مختلفة بداية من الغناء فى المناسبات والأعياد وقيام الدولة السعودية.
والانطلاق الحقيقي للأغنية السعودية ظهر على يد طارق عبدالحكيم عام 1953م، فتم تدريس الموسيقى أكاديمياً، ابتداءً من تأسيس الإذاعة في جدة، وتوفر قسم للموسيقى في غرب المملكة، إلى أن ظهر تلفزيون أرامكو، وظهر جيل سعودي بارز على المستوى العربي مثل طلال مداح ومحمد عبده وغيرهم.
الفن التشكيلي:ظهر في الواقع الحقيقي بالمملكة عام 1959م، حينما أدخلت المملكة مادة الرسم التربية الفنية. ومن هنا بدأ الفن التشكيلي خطوة تلو خطوة، وأقام الملك سعود بن عبدالعزيز -رحمه الله- أول معرض للفنون التشكيلية عام 1959م، وانتشر بعض الفنانين التشكيليين بعد رجوعهم من مصر، وتم إنشاء معهد التربية الفنية للمعلمين بالرياض عام 1965م، وتخرج منه فنانون وبعض طلاب العرب الملتحقون به.
قانون الفن السعودي يقوم على إظهار رسالة ورؤية تبين الغرض من القانون الذي يتماشى مع المبادئ والأعراف والتقاليد، وكان تأسست وزارة الثقافة والفنون يوم 17رمضان 1439هـ موافق 2 يونيو 2018م بموجب أمر ملكي وتعمل الوزارة على المساهمة في بناء مجتمع حيوي. وبتاريخ 27 مارس 2019م أطلقت وزارة الثقافة رؤيتها وتوجهاتها كوثيقة تجسد رسالة الوزارة وطموحها وتعكس أهدافها المتمثلة في الثقافة كنمط حياة، وتعزيز مكانة المملكة الدولية.
للمزيد ..
مازن عبدالوهاب كــردي - مؤسسة عكاظ للصحافة والنشر
فضـــاء ثقافي يعزز الهويّة
موسم الرياض لم يكن مجرد حدث ترفيهي عابر، بل كان بمثابة ظاهرة ثقافية متعددة الأبعاد أثّرت بشكل عميق في المشهد الثقافي السعودي، من خلال هذا الموسم، تحولت العاصمة الرياض إلى مركز حيوي ينبض بالفنون والإبداع، حيث اجتمعت فيه الفعاليات الثقافية المتنوعة من فنون تشكيلية، عروض مسرحية، حفلات موسيقية، ندوات أدبية، ومعارض ثقافية، لتعكس ثراء وتنوع الثقافة السعودية.
"الهيئة العامة للترفيه" نجحت بجدارة في خلق بيئة تفاعلية فريدة من نوعها، تربط بين الترفيه والثقافة بشكل متكامل، ما أتاح للجمهور المحلي والزوار من الخارج فرصة استثنائية للاستمتاع بتجربة ثقافية غنية تجمع بين الماضي والحاضر وتستشرف المستقبل.
هذا التقرير يسعى لتسليط الضوء على الزخم الثقافي الذي أحدثه موسم الرياض، ويستعرض كيف ساهمت هذه الفعاليات في تعزيز الوعي الثقافي، وتشجيع التفاعل المجتمعي مع الفنون، وإبراز المملكة كوجهة ثقافية عالمية. كما سيبحث في تأثير هذا الحراك الثقافي على تنمية الذائقة الفنية لدى الأجيال الصاعدة، وكيف أسهم في رسم ملامح جديدة للهوية الثقافية الوطنية، مجسداً بذلك رؤية المملكة 2030 في التحول نحو مجتمع معرفي، يتخذ من الثقافة والفنون ركيزة أساسية.
فمع كل إطلالة لموسم الرياض الترفيهي والسياحي نلحظ أن ثمة تتطور عميق ولافت لمفاهيم الترفيه، إذ تتنامى ثقافته بين المنتج والمستفيد، وأصبح المقيم والزائر لعاصمة الوطن الحبيب، رياض العز والتطور والشموخ، يرى ويسمع ويعيش هذه النقلة النوعية التي تعيشها الرياض في عدد كبير من المواقع الجاذبة، والوجهات الترفيهية والسياحية.
وبفضل من الله ثم بدعم قوي من قيادتنا الرشيدة، التي لم تدخر أي جهد أو دعم لدعم هذا الموسم، ولقد أثبت موسم الرياض خلال السنوات الأخيرة أنّ الإرادة القوية، والرؤية البعيدة، يمكن أن تغير الأولويات وتعيد ترتيب الأفكار والقناعات
للمزيد ..
د. عبدالله عوض القرني
الثقافة والتراث ركيزتا السياحة السعودية
تشهد المملكة العربية السعودية تحولات ثقافية كبرى في إطار رؤية 2030، حيث أصبح الاستثمار في التنوع الثقافي إحدى ركائز التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
ولم يعد التراث والتنوع الثقافي مجرد مكونات للهوية الوطنية، بل باتت تُستثمر كمحركات للنمو السياحي والصناعات الإبداعية، ووسيلة لتعزيز المكانة الدولية للمملكة.
وتهدف المملكة إلى رفع إسهام القطاع الثقافي إلى 3 % من الناتج المحلي بحلول 2030، بما يعادل نحو 180 مليار ريال، بعد أن كانت النسبة أقل من 1 % سابقاً.
وفي هذا السياق، سبق وصرّح وزير الثقافة الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان: بأن «القطاع الثقافي ليس قطاعاً ترفيهياً فقط، بل هو صناعة قائمة بحد ذاتها، تسهم في تعزيز اقتصادنا الوطني وتوفير فرص العمل لشبابنا».
وتشير بيانات الهيئة العامة للإحصاء (2023) إلى أن نحو 80 % من الأفراد (15 سنة فأكثر) شاركوا أو زاروا فعاليات ثقافية خلال عام واحد، بينما بلغت نسبة حضور الفعاليات الترفيهية 90 %، ما يعكس حجم التفاعل المجتمعي المتنامي مع الثقافة.
كما سجّلت المملكة نمواً ملحوظاً في أعداد السياح والإنفاق السياحي خلال السنوات الأخيرة، متجاوزة أهدافها المعلنة، وهو ما ينعكس إيجاباً على الطلب المتزايد على المنتجات والخدمات الثقافية.
شواهد عملية
ولنأخذ مثالاً ثقافيا كمشروع العُلا فهو يعد نموذجاً بارزاً لتحويل موقع تاريخي إلى وجهة سياحية ثقافية راقية، بما يتضمنه من مهرجانات ومتاحف وفنادق فخمة، أسهمت في جذب الاستثمارات العالمية.
كما يشكّل مشروع الدرعية مثالاً آخر على إعادة توظيف المواقع التراثية ضمن رؤية اقتصادية حديثة.
والعُلا ليست مجرد موقع تاريخي، بل قصة حضارة نرويها للعالم، ونفتح من خلالها آفاقاً للاستثمار الثقافي والسياحي المستدام.
وقد بادرت وزارة الثقافة بإطلاق مبادرات واسعة لدعم الصناعات الإبداعية مثل السينما، الأزياء، والموسيقى، ما جذب إنتاجات عالمية وأوجد فرصاً جديدة للشباب السعودي.
وهذا يعود بالنفع على الأثر الاقتصادي والاجتماعي بالمملكة، كما يسهم الاستثمار في التنوع الثقافي في خلق وظائف مباشرة وغير مباشرة في قطاعات السياحة، والضيافة، والصناعات الحرفية، والمحتوى الإبداعي.
وتشير التقديرات إلى أن التوسع في المشروعات الثقافية سيولد عشرات الآلاف من الوظائف بنهاية العقد الحالي.
كما يعزز هذا الاستثمار من قيمة الإنفاق السياحي عبر توفير تجارب ثقافية غنية، إضافة إلى تمكين المجتمعات المحلية من تسويق منتجاتها التراثية والحرفية للأسواق العالمية.
وفي هذا الإطار، قال وزير السياحة أحمد الخطيب: ثقافتنا وتراثنا هما ركيزة السياحة السعودية، ومن خلالهما نصنع تجارب فريدة تجذب العالم بأسره».
رغم الفرص الكبيرة، هناك تحديات تواجه عملية الاستثمار في التنوع الثقافي وأبرز هذه التحديات: مخاطر تسليع التراث وإضعاف أصالته، والضغوط البيئية والاجتماعية الناتجة عن المشروعات السياحية الضخمة.
ولكن هناك العديد من التوصيات التي ستسهم في ازدهار الموروث الثقافي مثل: ربط الاستثمارات بخطط واضحة لحماية التراث وإشراك المجتمعات المحلية، وتنويع المنتجات الثقافية بين التراث التقليدي والعروض العصرية مثل المهرجانات والسينما والأزياء، وتوفير حوافز مالية للمستثمرين مع آليات لقياس الأثر الاقتصادي والاجتماعي، إضافة إلى ذلك تعزيز التعاون مع المنظمات الدولية مثل اليونسكو لضمان استدامة وحماية الهوية الثقافية.
واستثمار المملكة العربية السعودية في التنوع الثقافي ليس مجرد مشروع ترفيهي، بل هو خيار استراتيجي يسهم في بناء اقتصاد متنوع ومستدام، ويعزز من مكانة المملكة إقليمياً ودولياً.
للمزيد ..
راشــــد السكران - جريدة الرياض
الصحافة الثقافية السعودية في عالم متغير : مهنية الصحافة الثقافية وتحديات الرقمنة
الصحافة الثقافية هي فرع من الصحافة يتميز بمنظور أوسع للثقافة، ويهتم بالمراجعات والنقد والأخبار والمقالات حول الفنون والثقافة، بما في ذلك قضايا نمط الحياة والحوار المجتمعي والنقد الثقافي الذي تكتبه شخصيات ثقافية تعبر عن هذه القضايا بأسلوب أدبي. وقد توسعت اهتمامات الصحافة الثقافية مع تطور فهمنا للثقافة ودورها في المجتمع. حيث طوّر بعض المفكرين كإدوارد سعيد، وجورج شتاينر، وأمبرتو إيكو، وستيوارت هول هذا الفهم في اتجاهات جديدة تهتم بـ«المعارك الثقافية» و«التحولات الثقافية» التي تقود التغيير الثقافي والاجتماعي. وينصب التركيز في هذه المقالة على السياق الثقافي السعودي الذي مرّ بتغيرات كثيرة في العقود الماضية، حيث بدأت أشكال جديدة من الفن والثقافة في الظهور، إلى جانب اختلاط «نمط الحياة» بالصحافة الثقافية، وسيطرة جوانب التسويق والاستهلاك في ظل انتشار المنصات الرقمية الجديدة التي أبرزت أصواتًا جديدة وأشكالًا مختلفة من الصحافة الثقافية، ونشرها على نطاق أوسع وأعمق في الحوارات الثقافية. كما برز مؤخرًا الاعتراف الرسمي والمجتمعي بالمساهمة الاقتصادية لقطاع الفنون في الوظائف والنمو والسياحة والصادرات والتنمية، وكوسيلة لحل المشكلات الاجتماعية ونقل القيم.
وكان للصحافة (الصحافة الثقافية على وجه الخصوص) أثر كبير في تطور المشهد الثقافي السعودي المعاصر؛ لأنها لم تشجع فقط على زيادة عدد الأعمال الأدبية المتاحة والتعريف بها، ولكنها كانت مفيدة أيضاً في انتشار الأدب السعودي على نطاق أوسع محليًا وعربيًا. حيث أولت بعض الصحف اهتماماً خاصًا للأعمال الأدبية ودراسات القضايا الثقافية، ونقلت الكتابة الإبداعية الجديدة للجمهور. وكمثال على ذلك، فإن الملاحق الثقافية في جريدة الجزيرة والرياض، التي تظهر أسبوعيًا أو يوميًا، تنشر قصصًا قصيرة، وقصائد شعرية، ومقتطفات من الروايات، ومراجعات للكتب ودراسات نقدية. وقد ساهمت هذه الملاحق الثقافية في نشر الأدب السعودي الحديث وتشجيع تطويره. بالإضافة إلى ذلك، اهتمت بعض المجلات السعودية بقضايا أدبية غالبًا ما تناقش الشعر والقصص القصيرة والروايات. على سبيل المثال، نشرت كل من المنهل (تأسست عام 1936)، ومجلة القافلة (1953)، ومجلة العرب (1966)، ومجلة الفيصل (1976) عددًا من المقالات التي ناقشت مختلف القضايا المتعلقة بالرواية السعودية وتحولاتها. وتعد هذه الملاحق والمجلات مصدراً مفيداً جدًا للباحثين في مجال الثقافة والأدب السعودي.